سورة الرعد - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الرعد)


        


{وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (32) أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34)}
أخرج الطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إن كان كما تقول، فأرِنا أشياخنا الذين من الموتى نكلمهم، وافسح لنا هذه الجبال- جبال مكة- التي قد ضمتنا. فنزلت {ولو أن قرآناً سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى}.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه، عن عطية العوفي رضي الله عنه قال: قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم «لو سيرت لنا جبال مكة حتى تتسع فنحرث فيها، أو قطعتْ لنا الأرض كما كان سليمان عليه السلام يقطع لقومه بالريح، أو أحييت لنا الموتى كما كان عيسى عليه السلام يحيي الموتى لقومه. فأنزل الله تعالى {ولو أن قرآناً سيرت به الجبال...} الآية، إلى قوله: {أفلم ييأس الذين آمنوا} قال: أفلم يتبين الذين آمنوا؟» قالوا: هل تروي هذا الحديث عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه من طريق العوفي، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال المشركون من قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو وسعت لنا أودية مكة وسيرت جبالها فاحترثناها، وأحييت من مات منا واقطع به الأرض، أو كلم به الموتى... فأنزل الله تعالى {ولو أن قرآناً}.
وأخرج أبو يعلى وأبو نعيم في الدلائل، وابن مردويه عن الزبير بن العوّام رضي الله عنه قال: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} [ الشعراء: 214] صاح رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي قبيس: «يا آل عبد مناف، إني نذير فجاءته قريش، فحذرهم وأنذرهم. فقالوا: تزعم أنك نبي يوحى إليك، وأن سليمان عليه السلام سخرت له الريح والجبال، وإن موسى عليه السلام سخر له البحر، وإن عيسى عليه السلام كان يحيي الموتى، فادع الله أن يسير عنا هذه الجبال، ويفجر لنا الأرض أنهاراً فنتخذها محارث، فنزرع ونأكل وإلا، فادع الله أن يحيي لنا الموتى فنكلمهم ويكلمونا وإلا، فادع الله أن يجعل هذه الصخرة التي تحتك ذهباً فننحت منها وتغنينا عن رحلة الشتاء والصيف، فإنك تزعم أنك كهيئتهم. فبينا نحن حوله، إذ نزل عليه الوحي، فلما سرى عنه الوحي قال: والذي نفسي بيده لقد أعطاني الله ما سألتم، ولو شئت لكان، ولكنه خيرني بين أن تدخلوا باب الرحمة فيؤمن مؤمنكم، وبين أن يكلكم إلى ما اخترتم لأنفسكم فتضلوا عن باب الرحمة ولا يؤمن مؤمنكم، فاخترت باب الرحمة ويؤمن مؤمنكم، وأخبرني إن أعطاكم ذلك ثم كفرتم يعذبكم عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين»
فنزلت {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا ان كذب بها الأولون} [ الإِسراء: 59] حتى قرأ ثلاث آيات. ونزلت {ولو أن قرآناً سيرت به الجبال...} الآية.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة أن هذه الآية {ولو أن قرآناً سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى} مكية.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ولو أن قرآناً سيرت به الجبال} الآية. قال: قول كفار قريش لمحمد صلى الله عليه وسلم: سيّر جبالنا تتسع لنا أرضنا فإنها ضيقة، أو قرب لنا الشام فإنا نتجر إليها، أو أخرج لنا آباءنا من القبور نكلمهم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قالوا سير بالقرآن الجبال، قطع بالقرآن الأرض، أخرج به موتانا.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال: قال كفار مكة لمحمد صلى الله عليه وسلم: «سيّر لنا الجبال كما سخرت لداود، وقطع لنا الأرض كما قطعت لسليمان عليه السلام فاغدُ بها شهراً، ورح بها شهراً، أو كلم لنا الموتى كما كان عيسى عليه السلام يكلمهم. يقول: لم أنزل بهذا كتاباً، ولكن كان شيئاً أُعطيته أنبيائي ورسلي».
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الشعبي رضي الله عنه قال: قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كنت نبياً كما تزعم، فباعد عن مكة اخشبيها هذين مسيرة أربعة أيام، أو خمسة أيام، فإنها ضيقة حتى نزرع فيها أو نزعى، وابعث لنا آباءنا من الموتى حتى يكلمونا ويخبرونا إنك نبي، أو احملنا إلى الشام أو إلى اليمن أو إلى الحيرة، حتى نذهب ونجيء في ليلة كما زعمت إنك فعلته. فأنزل الله تعالى {ولو أن قرآناً سيرت به الجبال} الآية.
وأخرج إسحاق وابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {بل لله الأمر جميعاً} لا يصنع من ذلك إلا ما يشاء، ولم يكن ليفعل.
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن المنذر، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه كان يقرأ {أفلم ييأس الذين آمنوا}.
وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قرأ {أفلم يتبين الذين آمنوا} فقيل له: إنها في المصحف {أفلم ييأس} فقال: أظن الكاتب كتبها وهو ناعس.
وأخرج ابن جرير عن علي رضي الله عنه أنه كان يقرأ {أفلم يتبين الذين آمنوا}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- {أفلم ييأس} يقول: يعلم.
وأخرج الطستي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {أفلم ييأس الذين آمنوا} قال: أفلم يعلم، بلغة بني مالك. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت مالك بن عوف يقول:
لقد يئس الأقوام أني أنا ابنه *** وإن كنت عن أرض العشيرة نائيا
وأخرج ابن الأنباري، عن أبي صالح رضي الله عنه قال: في قوله: {أفلم ييأس الذين آمنوا} قال: أفلم يعلم، بلغة هوازن، وأنشد قول مالك بن عوف النضري:
أقول لهم بالشعب إذ ييئسونني *** ألم تعلموا أني ابن فارس زهدم
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- {أفلم ييأس الذين آمنوا} قال: أفلم يعلم الذين آمنوا؟.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {أفلم ييأس الذين آمنوا} قال: أفلم يعرف الذين آمنوا.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه {أفلم ييأس} أفلم يعلم. ومن الناس من يقرؤها {أفلم يتبين} وإنما هو كالاستنقاء، أفلم يعقلوا ليعلموا أن الله يفعل ذلك؟ لم ييأسوا من ذلك وهم يعلمون أن الله تعالى لو شاء فعل ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن أبي العالية رضي الله عنه {أفلم ييأس الذين آمنوا} قال: يئس الذين آمنوا أن يهدوا، ولو شاء الله {لهدى الناس جميعاً}.
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن مردويه من طريق عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {تصيبهم بما صنعوا قارعة} قال: السرايا.
وأخرج الطيالسي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طريق سعيد بن جبير رضي الله عنه- عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة} قال: سرية {أو تحل قريباً من دارهم} قال: أنت يا محمد {حتى يأتي وعد الله} قال فتح مكة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه في قوله: {تصيبهم بما صنعوا قارعة} قال: سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم {أو تحل} يا محمد {قريباً من دارهم}.
وأخرج ابن شيبة وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي في الدلائل، عن مجاهد رضي الله عنه قال: {القارعة} السرايا {أو تحل قريباً من دارهم} قال: الحديبية {حتى يأتي وعد الله} قال: فتح مكة.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {ولا يزال الذين كفروا...} الآية.
قال: نزلت بالمدينة في سرايا النبي صلى الله عليه وسلم. {أو تحل} أنت يا محمد {قريباً من دارهم}.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {تصيبهم بما صنعوا قارعة} قال: نكبة.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه من طريق العوفي، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {تصيبهم بما صنعوا قارعة} قال: عذاب من السماء {أو تحل قريباً من دارهم} يعني، نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم وقتاله إياهم.
وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {أو تحل قريباً من دارهم} قال: أو تحل القارعة قريباً من دارهم {حتى يأتي وعد الله} قال: يوم القيامة.
أما قوله تعالى: {ولقد استهزئ برسل من قبلك}.
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه، عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: «كان رجل خلف النبي صلى الله عليه وسلم يحاكيه ويلمطه، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كذلك فكن. فرجع إلى أهله فلبث به مغشياً شهراً، ثم أفاق حين أفاق وهو كما حاكى رسول الله صلى الله عليه وسلم».
وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} قال: يعني بذلك نفسه.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن عطاء رضي الله عنه في قوله: {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} قال: الله تعالى، قائم بالقسط والعدل.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} قال: ذلكم ربكم تبارك وتعالى قائم على بني آدم بأرزاقهم وآجالهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} قال: الله عز وجل، القائم على كل نفس {بما كسبت} على رزقها وعلى علمها. وفي لفظ: قائم على كل بر وفاجر، يرزقهم ويكلؤهم ثم يشرك به منهم من أشرك {وجعلوا لله شركاء} يقول: آلهة معه {قل سموهم} ولو سموا آلهة لكذبوا وقالوا في ذلك غير الحق؛ لأن الله تعالى واحد لا شريك له {أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض} يقول: لا يعلم الله تعالى في الأرض إلهاً غيره {أم بظاهر من القول} يقول: أم بباطل من القول وكذب.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن ابن جريج رضي الله عنه {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} يعني بذلك نفسه، يقول {قائم على كل نفس} على كل بر وفاجر {بما كسبت} وعلى رزقهم، وعلى طعامهم، فأنا على ذلك وهم عبيدي، ثم جعلوا لي شركاء {قل سموهم} ولو سموهم كذبوا في ذلك لا يعلم الله تعالى من إله غير الله، فذلك قوله: {أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض}.
وأخرج أبو الشيخ عن ربيعة الجرشي رضي الله عنه أنه قام في الناس يوماً، فقال: اتقوا الله في السرائر وما ترخى عليه الستور... ما بال أحدكم ينزع عن الخطيئة للنبطي يمر به، والأمة من إمائه، والله تعالى يقول {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} ويحكم فأجلوا مقام الله سبحانه وتعالى: ما يؤمن أحدكم أن يمسخه قرداً أو خنزيراً بمعصيته إياه، فإذا هو خزي في الدنيا وعقوبة في الآخرة. فقال رجل من القوم: والله الذي لا إله إلا هو، ليكونن ذاك يا ربيعة، فنظر القوم من الحالف فإذا هو عبد الرحمن بن غنم.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {أم بظاهر من القول} قال: بظن {بل زين للذين كفروا مكرهم} قال: قولهم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {أم بظاهر من القول} قال: الظاهر من القول، هو الباطل.


{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35)}
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {مثل الجنة} قال: نعت الجنة، ليس للجنة مثل.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه في قوله: {أكلها دائم} قال: لذتها دائمة في أفواههم.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ، عن خارجة بن مصعب رضي الله عنه قال: كفرت الجهمية بآيات من القرآن، قالوا: إن الجنة تنفد، ومن قال تنفد فقد كفر بالقرآن. قال الله تعالى {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} [ ص: 54] وقال: {لا مقطوعة ولا ممنوعة} [ الواقعة: 33] فمن قال إنها تنقطع فقد كفر. وقال عطاء غير مجذوذ، فمن قال إنها تنقطع فقد كفر. وقال: {أكلها دائم وظلها} فمن قال إنها لا تدوم، فقد كفر.
وأخرج ابن المنذر وابو الشيخ، عن مالك بن أنس رضي الله عنه قال: ما من شيء من ثنار الدنيا أشبه بثمار الجنة من الموز، لأنك لا تطلبه في صيف ولا شتاء إلا وجدته. قال الله تعالى {أكلها دائم}.


{وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38) يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39) وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك} قال: أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فرحوا بكتاب الله وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وصدقوا به {ومن الأحزاب من ينكر بعضه} يعني اليهود والنصارى والمجوس.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك} قال: هذا من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب، يفرحون بذلك. وقرأ {ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به} [ يونس: 40] {ومن الأحزاب من ينكر بعضه} قال: الأحزاب، الأمم اليهود والنصارى والمجوس، منهم من آمن به، ومنهم من أنكره.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ومن الأحزاب} قال: من أهل الكتاب {من ينكر بعضه} قال: بعض القرآن.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ؛ عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وإليه مآب} قال: إليه مصير كل عبد.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {ما لك من الله من ولي ولا واق} قال: من أحد يمنعك من عذاب الله تعالى.
وأخرج ابن ماجة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه من طريق قتادة، عن الحسن، عن سمرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التبتل، وقرأ قتادة رضي الله عنه {ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية}.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن سعد بن هشام قال: دخلت على عائشة- رضي الله عنها- فقلت: إني أريد أن أتبتل. قالت: لا تفعل، أما سمعت الله يقول {ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية}.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي، عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أربع من سنن المرسلين: التعطر والنكاح والسواك والختان».
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف بلفظ «الختان والسواك والتعطر والنكاح من سنتي».
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {لكل أجل كتاب} يقول: لكل كتاب ينزل من السماء أجل فيمحو الله من ذلك ما يشاء {ويثبت وعنده أم الكتاب}.
وأخرج ابن شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد- رضي الله عنه-.
قال: قالت قريش حين أنزل {وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله} ما نراك يا محمد تملك من شيء ولقد فرغ من الأمر. فأنزلت هذه الآية تخويفاً لهم ووعيداً لهم {يمحو الله ما يشاء ويثبت} إنا إن شئنا أحدثنا له من أمرنا ما شئنا، ويحدث الله تعالى في كل رمضان فيمحو الله ما يشاء {ويثبت} من أرزاق الناس ومصائبهم، وما يعطيهم وما يقسم لهم.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال: ينزل الله تعالى في كل شهر رمضان إلى سماء الدنيا، يدبر أمر السنة إلى السنة في ليلة القدر، فيمحو ما يشاء، إلا الشقوة والسعادة، والحياة والممات.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- {يمحو الله ما يشاء} هو الرجل، يعمل الزمان بطاعة الله، ثم يعود لمعصية الله فيموت على ضلاله، فهو الذي يمحو والذي يثبت، الرجل يعمل بمعصية الله تعالى وقد سبق له خير حتى يموت وهو في طاعة الله سبحانه وتعالى.
وأخرج ابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس- رضي الله عنهما- {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال: من أحد الكتابين هما كتابان يمحو الله ما يشاء من أحدهما ويثبت {وعنده أم الكتاب} أي جملة الكتاب.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: إن لله لوحاً محفوظاً مسيرة خمسمائة عام من درة بيضاء، له دفتان من ياقوت، والدفتان لوحان لله كل يوم ثلاث وستون لحظة يمحو ما يشاء {ويثبت وعنده أم الكتاب}.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى ينزل في ثلاث ساعات يبقين من الليل فينسخ الذكر في الساعة الأولى منها، ينظر في الذكر الذي لا ينظر فيه أحد غيره، فيمحو ما يشاء ويثبت. ثم ينزل في الساعة الثانية إلى جنة عدن، وهي داره التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر، لا يسكنها من بني آدم غير ثلاثة: النبيين والصديقين والشهداء، ثم يقول: طوبى لمن نزلك. ثم ينزل في الساعة الثالثة إلى السماء الدنيا بروحه وملائكته، فتنتفض، فيقول: قومي بعزتي، ثم يطلع إلى عباده فيقول: هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من داع فأجيبه؟ حتى يصلي الفجر، وذلك قوله: {إن قرآن الفجر كان مشهوداً} [ الإِسراء: 78] يقول: يشهده الله وملائكة الليل والنهار».
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند ضعيف، عن ابن عمر- رضي الله عنهما- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «{يمحو الله ما يشاء ويثبت} إلا الشقوة والسعادة، والحياة والموت».
وأخرج ابن سعد وابن جرير وابن مردويه، عن الكلبي رضي الله عنه في الآية قال: «يمحو من الرزق ويزيد فيه، ويمحو من الأجل ويزيد فيه». فقيل له: من حدثك بهذا؟ قال: أبو صالح عن جابر بن عبد الله بن رباب الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال: «ذلك كل ليلة القدر، يرفع ويخفض ويرزق، غير الحياة والموت والشقاوة والسعاة، فإن ذلك لا يزول».
وأخرج ابن مردويه وابن عساكر، عن علي رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقال له «لأقرن عينيك بتفسيرها، ولأقرن عين أمتي بعدي بتفسيرها، الصدقة على وجهها، وبر الوالدين، واصطناع المعروف؛ يحول الشقاء سعادة ويزيد في العمر ويقي مصارع السوء».
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: لا ينفع الحذر من القدر، ولكن الله يمحو بالدعاء ما يشاء من القدر.
وأخرج ابن جرير عن قيس بن عباد رضي الله عنه قال: العاشر من رجب، هو يوم يمحو الله فيه ما يشاء.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب، عن قيس بن عباد رضي الله عنه قال: لله أمر في كل ليلة العاشر من أشهر الحرام، أما العشر من الأضحى، فيوم النحر. وأما العشر من المحرم، فيوم عاشوراء. وأما العشر من رجب، ففيه {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال: ونسيت ما قال في ذي القعدة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال وهو يطوف بالبيت: اللهم إن كنت كتبت علي شقاوة أو ذنباً فامحه، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب فاجعله سعادة ومغفرة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن أبي الدنيا في الدعاء، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ما دعا عبد قط بهذه الدعوات، إلا وسع الله له في معيشته؛ يا ذا المن ولا يمن عليه، يا ذا الجلال والإِكرام، يا ذا الطول، لا إله إلا أنت ظهر اللاجين وجار المستجيرين ومأمن الخائفين، إن كنت كتبتني عندم في أم الكتاب شقياً فامح عني اسم الشقاء، وأثبتني عندك سعيداً، وإن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب محروماً مقتراً عليّ رزقي، فامح حرماني ويسر رزقي وأثبتني عندك سعيداً موفقاً للخير، فإنك تقول في كتابك الذي أنزلت {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن السائب بن ملجان من أهل الشام- وكان قد أدرك الصحابة رضي الله عنهم- قال: لما دخل عمر رضي الله عنه الشام، حمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا خطيباً كقيامي فيكم، فأمر بتقوى الله وصلة الرحم وصلاح ذات البين، وقال: «عليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة وإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد. لا يخلونّ رجل بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما، ومن ساءته سيئته وسرته حسنته، فهو أمارة المسلم المؤمن، وأمارة المنافق الذي لا تسوءه سيئته ولا تسره حسنته، إن عمل خيراً لم يرج من الله في ذلك ثواباً؛ وإن عمل شراً لم يخف من الله في ذلك الشر عقوبة، وأجملوا في طلب الدنيا فإن الله قد تكفل بأرزاقكم، وكلّ سيتم له عمله الذي كان عاملاً، استعينوا الله على أعمالكم، فإنه يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب» صلى الله على نبينا محمد وآله وعليه السلام ورحمة الله، السلام عليكم. قال البيهقي- رضي الله عنه-: هذه خطبة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أهل الشام، أثرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن مردويه والديلمي، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: كان أبو رومي من شر أهل زمانه، وكان لا يدع شيئاً من المحارم إلا ارتكبه. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لئن رأيت أبا رومي في بعض أزقة المدينة، لأضربن عنقه»؛ وإن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أتاه ضيف له فقال لامرأته: اذهبي إلى أبي رومي فخذي لنا منه بدرهم طعاماً حتى ييسره الله تعالى. فقالت له: إنك لتبعثني إلى أبي رومي وهو من أفسق أهل المدينة؟!.. فقال: اذهبي، فليس عليك منه بأس إن شاء الله تعالى. فانطلقت إليه فضربت عليه الباب، فقال: من هذا؟ قالت: فلانة. قال: ما كنت لنا بزوّارة، ففتح لها الباب فأخذها بكلام رفث ومدّ يده إليها، فأخذها رعدة شديدة. فقال لها: ما شأنك؟ قالت إن هذا عمل ما عملته قط. قال أبو رومي: ثكلت أبا رومي أمه، هذا عمل عمله منذ هو صغير لا تأخذه رعدة ولا يبالي، على أبي رومي عهد الله، إن عاد لشيء من هذا أبداً، فلما أصبح، غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «مرحباً بأبي رومي، وأخذ يوسع له المكان، وقال له يا أبا رومي، ما عملت البارحة؟ فقال: ما عسى أن أعمل يا نبي الله؟ أنا شر أهل الأرض. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد حوّل مكتبك إلى الجنة» فقال: {يمحو الله ما يشاء ويثبت}.
وأخرج يعقوب بن سفيان وأبو نعيم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان أبو رومي من شر أهل زمانه، وكان لا يدع شيئاً من المحارم إلا ارتكبه، فلما غدا على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم من بعيد قال: «مرحباً بأبي رومي، وأخذ يوسع له المكان، فقال: يا أبا رومي، ما عملت البارحة؟ قال: ما عسى أن أعمل يا نبي الله؟ أنا شر أهل الأرض، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد حول مكتبك إلى الجنة، فقال: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}».
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال: إن الله ينزل كل شيء يكون في السنة في ليلة القدر، فيمحو ما يشاء من الآجال والأرزاق والمقادير، إلا الشقاء والسعادة، فإنهما ثابتان.
وأخرج ابن جرير عن منصور رضي الله عنه قال: سألت مجاهداً رضي الله عنه فقلت: أرأيت دعاء أحدنا يقول: اللهم إن كان اسمي في السعداء فأثبته فيهم، وإن كان في الأشقياء فامحه منهم، واجعله في السعداء؟.... فقال: حسن. ثم لقيته بعد ذلك بحول أو أكثر من ذلك، فسألته عن ذلك فقال: {انا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم} [ الدخان: 3 و4] قال: يعني في ليلة القدر، ما يكون في السنة من رزق أو مصيبة، ثم يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء. فأما كتاب الشقاء والسعادة، فهو ثابت لا يغير.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال: إلا الحياة والموت، والشقاء والسعادة، فإنهما لا يتغيران.
وأخرج ابن جرير، عن شقيق بن أبي وائل قال: كان مما يكثر أن يدعو بهؤلاء الدعوات: اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء، فامحنا واكتبنا سعداء؛ وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني، عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقول: اللهم إن كنت كتبتني في السعداء، فأثبتني في السعداء؛ وإن كنت كتبتني في الأشقياء، فامحني من الأشقياء وأثبتني في السعداء، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب.
وأخرج ابن جرير عن كعب رضي الله عنه أنه قال لعمر رضي الله عنه يا أمير المؤمنين، لولا آية في كتاب الله، لأنبأتك بما هو كائن إلى يوم القيامة.
قال: وما هي؟ قال: قول الله: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في الآية، قال: يقول انسخ ما شئت واصنع في الآجال ما شئت، وإن شئت زدت فيها وإن شئت نقصت {وعنده أم الكتاب} قال: جملة الكتاب وعلمه، يعني بذلك ما ينسخ منه وما يثبت.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في المدخل، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال: يبدل الله ما يشاء من القرآن فينسخه، ويثبت ما يشاء فلا يبدله {وعنده أم الكتاب} يقول: وجملة ذلك عنده في أم الكتاب الناسخ والمنسوخ، وما يبدل وما يثبت، كل ذلك في كتاب الله تعالى.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال: هي مثل قوله: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} [ البقرة: 106] وقوله: {وعنده أم الكتاب} أي جملة الكتاب وأصله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد في الآية قال: {يمحو الله ما يشاء} مما ينزل على الأنبياء {ويثبت} ما يشاء مما ينزل على الأنبياء {وعنده أم الكتاب} لا يغير ولا يبدل.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج رضي الله عنه {يمحو الله ما يشاء} قال: ينسخ {وعنده أم الكتاب} قال: الذكر.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال: يمحو الله الآية بالآية {وعنده أم الكتاب} قال: أصل الكتاب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {لكل أجل كتاب} قال: أجل بني آدم في كتاب {يمحو الله ما يشاء} قال: من جاء أجله {ويثبت} قال: من لم يجيء أجله بعد، فهو يجري إلى أجله.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال: {يمحو الله} رزق هذا الميت {ويثبت} رزق هذا المخلوق الحي.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال: يثبت في البطن الشقاء والسعادة، وكل شيء هو كائن، فيقدم منه ما يشاء ويؤخر ما يشاء.
وأخرج الحاكم عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {يمحو الله ما يشاء ويثبت} مخففة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {وعنده أم الكتاب} قال: الذكر.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {عنده أم الكتاب} قال: الذكر.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير، عن سيار عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه سأل كعباً رضي الله عنه عن أم الكتاب، فقال: علم الله ما هو خالق وما خلقه عاملون. فقال لعلمه: كن كتاباً. فكان كتاباً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه {وعنده أم الكتاب} يقول: عنده الذي لا يبدل.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9